الأربعاء، 15 مارس 2017

البحث الآثاري في صحراء ليبيا الجنوبية عرض موجز وبعض الاستنتاجات من مشروع استكشاف الصحراء الغربية

أركامانى مجلة الآثار والأنثروبولوجيا الســـودانية
مجلة الآثار السودانية/ العدد السادس/ أغسطس 2005





البحث الآثاري في صحراء ليبيا الجنوبية
عرض موجز وبعض الاستنتاجات من مشروع استكشاف الصحراء الغربية
رودولف كوبر
ترجمة أسامة عبدالرحمن النور



بما أنه قد طُلب مني تقديم مسح للإنجازات في علم آثار صحراء السودان الغربية، بما يتماشى ومحاور هذا المؤتمر "النوبة بعد ثلاثين سنة" فإن عنوان هذه الورقة يمكن أن يكون ببساطة، "مشروع استكشاف الصحراء الغربية بعد عشر سنوات"، مجرد تلخيص آخر لبحثنا في هذه المنطقة. مع ذلك، بدلاً عن تكرار ما تمت كتابته في مكان آخر أنوي هنا مناقشة بعض الاستنتاجات الأولية والتركيز على بعض الصلات البين - ثقافية (cross cultural relations)، بخاصة بين وادي النيل والغرب منه. تجرى هذه المحاولة بالرغم من أن جزءاً صغيراً من المادة التى تم تنقيبها قد اكتمل تحليلها وبالتالي ستكون المحاولة بمثابة وجهة نظر انطباعية لبعض شقوف الفخار، والتي يمكن إخضاعها في إطار سلسلة كافية من التواريخ الراديوكاربونية.

عندما بدأنا أعمال مشروع استكشاف الصحراء الغربية في عام 1980 Kuper 1981; 1989 فإنه لم يكن قد تم أي بحث منتظم في ما قبل تاريخ الغرب البعيد لمصر والسودان، لكن سجل عدد من اللقي والملاحظات من جانب المستكشفين المبكرين بما يلقي الضوء على مخزون المنطقة الآثاري الكامن. عرض شامل لتلك الملاحظات قدمه فردريك هنكل في المجلد الثاني من كتابه "خارطة السودان الآثارية" Hinkel 1979 مغطياً معها "منطقة صحراء ليبيا الجنوبية"* التى هي بالتحديد مدى اهتمامنا، وبالتالي جاء نشر مجلده وقت قدم لنا فيه مساعدة معتبرة. بالإضافة إلى كاتلوج هنكل جدير بنا الإشارة إلى العمل الميداني الذى نفذته جامعة الخرطوم في وادي هور الأعلى Mohammed-Ali 1984 ورحلة المسح التى قامت بها بعثة ما قبل التاريخ المشتركة (CPE) في 1982 Close 1987، والتي تم الكشف أثناءها عن مواقع هولوسين إلى الغرب من نُخيلة (مرقه) Close 1992: 160. أخيراً شُملت ملاحظات آثارية أيضاً في حالات متقطعة في التقارير الميدانية للمعمل الجيومورفولوجي لجامعة برلين الحرة (مثل) Kröpelin 1993a: 118، والتي وفر عملها طويل الأمد في المنطقة معطيات قيمة فيما يتعلق بالخلفية البيئية للإقامة الإنسانية في الهولوسين Pachur 1987; Pachur et al. 1990.

فوق ذلك فإننا ندين بمعرفتنا بايكولوجيا الصحراء الليبية القديمة في الأساس لـ فانس هاينز وزملائه Haynes 1987 وللتحليل الشاق لعينات الفحم التى جمعتها البعثة والذي نفذته كاثرينا نيومان، والتي نجحت في التدليل على انتقال النباتات الساحلية بين 7000 و 6500 سنة مضت إلى ما لا يقل عن 500 كيلو متر إلى الشمال حتى حدود مصر الجنوبية (شكل 1)، وتحرك آخر أقل مدى في حوالي 5700 سنة مضت Neumann 1989a;b. على الرغم من أن بعض محاجاتها قد تمت مراجعتها من جانبها هي نفسها مؤخراً Neumann 1994: 59ff فإن الخط العام لإعادة التركيب تظل تقدم إطاراً قيماً لفهم الصلات الثقافية المحتملة وكذلك بالنسبة للكوابح والفرص لتكيف الإنسان الاقتصادي مع بيئة ما كانت أبداً مريحة.

لسوء الطالع، نتيجة الظروف غير الملائمة لحفظ البقايا النباتية والحيوانية – بخاصة من الفترات المبكرة – تبقى معرفتنا بإستراتيجيات الإعاشة لأهل ما قبل التاريخ محدودة. ولذلك يصعب في معظم الحالات تسمية موقع بـ "نيوليتي" بالمعنى الاقتصادي للمصطلح، رغم حقيقة أن بعثة ما قبل التاريخ المشتركة قد ثبتت الإطار الكرونولوجى بالنسبة لمنطقة نبتا / كُسيبة في مصر وقسمته لـ مبكر، ووسيط، ومتأخر Wendorf-Schild 1984: 7ff وكمعيار للقياس الزمني يمكن تطبيق هذا التقسيم على جزء كبير من الصحراء الليبية.

كان فرد وندورف نفسه هو الذى أرسى معلماً للوضع المربك عندما خلق، لدى تركيبه لحملة الإنقاذ النوبية، مصطلح "عصر الفخار" الذى يتبع العصر النوبي الحجري الختامي Wendorf 1968: 1042, fig. 1. ليس هذا هو المكان الذى نخوض فيه في مناقشة حول (عدم) صلاحية مصطلح "نيوليتي" بالنسبة لشمال أفريقيا Klees 1993 وللقارة الأفريقية ككل، لكن بصورة عامة يبدو أكثر عملية أن نحدد المراحل وفق مدى زمني آثاري لمنطقة محددة على أساس ظواهر آثارية أولية (مثل الحجر، والفخار، والبرنز، والحديد) بدلاً عن البينة الاقتصادية الثانوية المشتقة، والتي نادراً ما تتوفر وتكون عادة عرضة للشك. طالما أن الإثباتات على وجود فخار مبكر أكثر انتشاراً من تلك الخاصة بالرعاوة الهولوسينية المبكرة وبالتالي أيضاً أكثر ملائمة لتثبيت كرونولوجية مقارنة أوسع مدىً – فلماذا لا نستخدم المصطلح "فخار" تحديداً "الفخاري keramikum" كما اقترحه ريتشارد بيتيوني بالنسبة لوضع محدد في أفريقيا والشرق الأدنى منذ أكثر من 40 (55 الآن - المترجم) سنة مضت Pittioni 1950 ؟ ضمَّن بيتيوني حينها ثقافة "الخرطوم المبكرة" في مفهومه، بحيث أن هذه المجموعة أيضاً يستحسن عدم تسميتها بمصطلح "ميزوليتي"، والذي صُمم بصفة خاصة للتكيف الثقافي والبيئي مع ظروف الهولوسين المبكر في شمال أوربا.

بمثل هذا الجهاز المصطلحاتي يمكن الوصول إلى جدول لتقسيمات فرعية، تُعلم أكثر من 500 تاريخ راديوكاربونى من شمال شرق أفريقيا، يتوافق إلى حد كبير مع كرونولوجيا بعثة ما قبل التاريخ المشتركة. مرتبة جغرافياً من الشمال إلى الجنوب تقدم تلك التواريخ صورة ذات دلالة بالنسبة لتراجع جنوبي وشرقي بعد بداية مجددة للجفاف حوالي 6000 سنة مضت (حوالي 5000 ق.م.). يُعلّم هذا الانطباع بعدم وجود معطيات فيما قبل هذا الوقت في كل من وادي النيل المصري وصحراء ليبيا الجنوبية كما سنبين لاحقاً. لملمة تلك التواريخ وفق محتواها الآثاري تضع قاعدة لجدول آثاري مبسط والذي مع ذلك لا بدَّ وأن يكون مساعداً في توضيح بعض الصلات البين - ثقافية التى ستناقش أدناه (شكل 2).

بصورة عامة صُمم مشروع بعثة ما قبل التاريخ المشتركة بقطاع عرضي من البحر الأبيض المتوسط نزولاً إلى منطقة الساحل (شكل 1)، رابطاً منطقة الأمطار الشتوية بمنطقة الأمطار الاستوائية الصيفية موفراً بالتالي إمكانية المقارنة بين طرق مختلفة للتكيف الإنساني مع بيئات محلية متغيرة Kuper 1981; 1989. نشرت أنجيلا كلوز مؤخراً موجزاً للإقامة الهولوسينية في الصحراء الشرقية، والذي وضعت فيه بعض النتائج الأساسية للمشروع في محتواها الأوسع Close 1992. في السودان تركز البحث في ثلاث مناطق رئيسة : سهل سليمة الرملي، ومنطقة اللاقية، ووادي هور.

المظهر العام لسهل سليمة يؤلف سهلاً رملياً مسطحاً بلا أية ظواهر، تخترقه فقط بعض قيزان رمال متحركة وبعض الصخور الناتئة. ويمتد لحوالي 300 كيلو متر عرضاً ليشكل الحدود بين مصر والسودان، كما أنه يمثل حداً فعلياً بين الأمطار الشتوية والصيفية. يؤلف هذا السهل الجزء الأكثر جفافاً في كل الصحراء. تطرح الأدلة على وجود الإنسان - مثل النقوش الصخرية في برج الطيور - والتي وصفها في وقت سابق الرحالة المبكرون Newbold-Shaw 1928; Rhotert 1952 من جانب، والغياب الواضح لمواقع أثرية Gabriel 1986 من جانب ثانٍ، السؤال عما إذا كان هذا السهل منطقة عازلة أو منطقة مائدة مستديرة للصلات الثقافية البين - إقليمية في الصحراء الشرقية Kuper 1986b. تم جذب اهتمام علماء الآثار بالمنطقة نتيجة اكتشاف ما يسمى بأنظمة الرادار النهرية McCauley et al. 1986؛ مع ذلك فإن دور تلك الأنظمة بالنسبة للإقامة ما قبل التاريخية ظل مستعصياً على الحل. في عام 1985 أثناء أعمال مسح واسعة المدى نفذها مشروع استكشاف الصحراء الغربية غطت مساحة 55X30 كيلو متر في منطقة برج الطيور، تم تسجيل 285 موقع أثري، تتفاوت أحجامها من مجرد تجمُع أدوات قليلة إلى مناطق مواقع تبلغ 100.000 متر مربع Schuck 1993. وفرت بعض أعمال المجسات بينة دالة على نشاطات إقامة مكثفة على الأقل بالنسبة لمرحلة الفخار الوسيط والمتأخر.

الحدود الجنوبية لسهل سليمة الرملي معلمة بظواهر طبوغرافية بارزة، لا توجد في الخرائط المتوفرة وظلت غير معروفة إلى حين أن أصبحت صور الأقمار الصناعية بين أيدينا : الجرف المرتفع إلى الشمال من بئر لاقية الأربعين Kuper 1986a: Fig. 2 والقليل من المنخفضات التكتونية الشبيهة بالوديان أبعد إلى الغرب والتي سماها فانس هاينز وادي شو ووادي ساحل Schuck 1988: Abb. 1. يظهر وادي شو في جزئه الجنوبي توسعاً أشبه بحوض، هناك حيث عثر و.ب.ك. شو  في عام 1935 على موقع أثري ممتد بالقرب من معسكره 49 Shaw 1936: 193. أصبحت هذه المنطقة مركزاً لنشاطتنا المسحية والتنقيبية خلال السنتين 1982 و 1983 والتي سمحت بإعادة تركيب تواتر الإقامة على مدى أكثر من 5000 سنة حتى أزمان المملكة الوسطى في مصر Schuck 1988; 1989 في تواز مع هذا البحث أعطت استقصاءات جيومورفولوجية مكثفة بينة دالة على انتشار ترسبات بحيرات تراكمت في طورين بين 6000 و 8000 سنة مضت، موضحة بالتالي الخلفية الايكولوجية لتلك الفترة Gabriel 1986; Gabriel-Kröpelin 1984.

توجد مسافة أكثر من 300 كيلو متر إلى الجزء الجنوبي الأقصى لمنطقة البحث، وادي هور. سبق أن سجلت بعثة فروبينوس في عام 1933 المخزون الآثاري الهائل الكامن للمنطقة وجمعت بعض عينات فخاريةRhotert 1952; Hölscher 1937 . كانت تلك العينات فيما بعد الدافع للمحاجة بأن أصل المجموعة النوبية الثالثة يرجع إلى هذه المنطقة.  Bietak 1968: 143 الإجابة عن السؤال المفتوح على مدى فترة طويلة، عما إذا كان وادي هور ينتهي بالفعل عند جبل رحيب، كما هو مبين في الخرائط، أو عما إذا وجدت صلة له بالنيل، قد تم استنتاجها من صور الأقمار الصناعية Meissner-Schmitz 1983 وتم التأكيد عليها عن طريق بعثة استكشاف الصحراء الغربية، التى تتبعت وادي هور من النيل في الضفة الغربية المواجهة لـ دنقلا العجوز "جنوباً" لمسافة 400 كيلو متر حتى آبار رحيب. من حينها أشارت بينة الاستقصاء الجيومورفولوجي المكثف Pachur-Kropelin 1987; Kropelin 1993a إلى أنه وخلال الهولوسين المبكر والأوسط تألف وادي هور من سلسلة دائمة للوديان والبرك الدائمة. بعد الأمطار المحلية تعرضت تلك الوديان والبرك إلى فيضان أدى إلى نشاط نهري وفيضانات متقطعة. في حوالي 4000 سنة مضت وجدت مياه بحيرات عميقة عذبة كافية لإعالة 17 نوع من الأسماك Van Neer 1989: 63 مقدمة تفسيراً لثراء المنطقة آثارياً حتى في هذا التاريخ المتأخر.

قبل أن نحاول رسم بعض خطوط تطور الفخار في شمال السودان علينا أن نلقي لمحة قصيرة على الوضع في مصر، طالما أن الأمور تصبح في حالات أشد وضوحاً عندما ينظر إليها من الأطراف. فيما يتعلق بالصلات المتداخلة التى سنناقشها أدناه، خاصة لشح المعطيات المتوفرة من الصحراء الليبية الجنوبية من تلك الفترة ، فإن الطور المبكر للهولوسين يمكن عرضه بإيجاز. بصفة عامة  يصبح التقسيم الجغرافي لتطور الهولوسين في غرب مصر إلى منطقتين مختلفتين والذي كان واضحاً حينها : هناك في العموم مجاميع "ايبي باليوليتية" تضم أشكال هندسية، وشفرات مدببة ومناقش؛ حتى ذلك الحين لا دليل على وجود تقنية فخار في الشمال ("عين دالا"، و "مسارا") والتواتر "النيوليتى المبكر" من "الـ ادام" حتى "الـ نبتا" مع وجود الأبقار والفخار في الجنوب.

في طور الفخار الوسيط اللاحق في الألفيتين السابعة والسادسة ق.م. نجد مباشرة بعد بداية هذه الفترة بعد 7800 سنة مضت فخاراً جيد الصنع من النوع الشبيه بفخار ثقافة الخرطوم بعيداً إلى الشمال حتى ابو بلاس في ارتباط في مودبانس 85/56 ببقايا حيوانية ونباتية تشير  إلى بيئة ساحلية مماثلة Kuper 1993. سوياً مع هذا النوع وجدت بعض الشقوف غير المزخرفة ذات الحافة الفوقية المنقوشة (شكل 4-2.1)، غير المعروفة في مجاميع ثقافة الخرطوم "الكلاسيكية" لكنها تمثلت بصورة جيدة في الوقت نفسه حوالي 7700 سنة مضت في آنية من وادي الأخضر 80/7-1  في الجلف الكبير Kuper 1981: 236, Abb. 13. يوجد الفخار الفاقد للزخرف، أو بزخرف نادر، حصراً في الحافة الفوقية، أبعد إلى الشمال في معسكر ويلمان (منطقة الزجاج 81/61) سوياً مع زخرف من نوع الخرطوم، مع أن تواتره الكرونولوجى غير موثوق. يبدو أن هذا الفخار غير المزخرف مميز لمنطقة بحر الرمال العظيم وما وراءها، حيث يوجد، على سبيل المثال، الفخار بالحافة ذات الثلم (شكل 3، 8) في موقع لوبو (أبومنقر 81/55؛ Klees 1989) في محتوى مع صناعة حجرية ذات وجهين، والتي تمثل عنصراً مميزاً في الصحراء الغربية والواحات على الأقل منذ 7500 سنة مضت (McDonald 1991 وتواريخ راديوكاربونية غير منشورة من البحث الجاري في دجارا في سهل ابو مُحاريك Abu Muharik). في ذات الوقت تميز النصف الثاني من طور الفخار الوسيط في جنوب غرب مصر بالصناعات الميكروليتية، والتي ترتبط على كل، على سبيل المثال في وادي بخت 82/81  في الجلف الكبير، بفخار جيد الصنع يتألف زخرفه من نقوش على الحافة الفوقية (شكل 4- 4.3). وجود ظاهرة الزخرف هذه في موقع جبل كامل 85/58 في الجزء المصري من سهل سليمة الرملي (شكل 4- 5. 6) يربط الموقع بطور الفخار المتأخر المماثل في شمال السودان.

يبدو أن الظروف البيئية في الصحراء الليبية الشمالية والوسطى خلال تلك الفترة قد حصرت الحياة الإنسانية أساساً في مناطق ملائمة مثل سهل الجلف الكبير. هنا في وادي الأخضر Schön 1994 ووادي بخت يوجد فخار متميز نحيف الجدران مصنوع بمهارة، يظهر طيفاً محدوداً لكنه مُشخص من الزخارف. من بين تلك المصنوعات الفخارية يبدو أن الأكثر شيوعاً آنية ذات شكل مخروطي بزخرف مضغوط عن طريق مشط من عظم سمك الرنكة تحت الحافة الفوقية Kuper 1988: Abb. 3. يظل أصله، مثله مثل عناصر أخرى في مجموعة الفخار المتأخر في الجلف الكبير، موضوعاً يحتاج لمزيد من الدراسة**.

(قبل 5000 ق.م. = 6000 سنة مضت)

على عكس الجزء المصري من الصحراء يُظهر الجدول الكرونولوجى ندرة واضحة للمعطيات الخاصة بالهولوسين المبكر في الصحراء الليبية الجنوبية. مع ذلك، توجد بينة قليلة من مدفنين في منطقة اللاقية، لكنها جلية واضحة دالة على وجود الإنسان، واحد من المدفنين مؤرخ بـ 9820 ± 550 سنة مضت (KN 4029)؛ والثاني بـ8810  ± 450  سنة مضت (KN 3353). وطالما أن الإقامة المكثفة من نوع ثقافة الخرطوم التى وجدت في جنوب مصر كانت تعتمد على التحول الشمالي للحزام النباتي السوداني، فإن غياب المعلومات يجوز تفسيره عن طريق أعمال المسح غير الكافية التى نقوم بها، والتي لا شك في أنها جد محدودة، كما ويحتمل أن تكون في غير موضعها بالنسبة لحالة ظروف الحفظ في بعض المناطق، واحتمالاً السلوك غير المتوقع لإنسان ما قبل التاريخ.

يتغير الوضع خلال أزمان الفخار الوسيط بعد 7000 سنة مضت عندما يوجد فخار من نوع ثقافة الخرطوم في العديد من المواقع في وادي هور مروراً بسهل سليمة الرملي حتى ابو بلاس. في سهل سليم الرملي يمكن الكشف عن نشاطات إقامة منتشرة Schuck 1993 والتي تدلل على أن هذا الجزء القاحل من الصحراء اليوم لم يستخدم فحسب كمنطقة عبور. تُظهر مواقع ممتدة مثل برج الطيور 85/78 و 79 Idris 1994a أن أماكن ملائمة مثل البرك القائمة لفترات طويلة جذبت زيارات موسمية متكررة احتمالاً إقامة مستمرة في بعض الحالات. تؤكد على ذلك المؤشرات الدالة على عالم نباتي يتسم بالثراء بما يكفي لإعالة وحيد القرن والثور الضخم في 85/80 وستندVan Neer-Uerpmann 1989: 329 وباقيا. مخلفات الحيوانات المدجنة الوحيدة الباقية : عظام خراف/ماعز من حفرة في برج الطيور 85/73 مؤرخة بـ 6300 ± 160 (KN 4033)، والمؤشر الأول في هذه المنطقة لـ "النيوليتى" فخار وسيط.

(5000-3000 ق.م. = 6000- 4300 سنة مضت)

يبدو أن بداية هذه الفترة في منطقة اللاقية وسهل سليمة الرملي تُعلّم بوجود مصنوعات فخارية قوية ونحيفة الجدران إلى حد ما وجيدة الحرق أو حتى مصقولة. يتطابق مستواها التقني مع نوعية الفخار المتأخر من الجلف الكبير الذى تمثل في بعض الشقوف ذات الزخرف المعمول بمشط من عظم السمك (شكل 5-4). عموماً انحصر الزخرف بصورة أساسية في الحافة الفوقية المنقوشة بمهارة (شكل 4- 11؛ 5- 7.5.3.1)، ظاهرة توازي مواقع في جنوب مصر كما ذكرنا آنفاً ومؤرخة ببعض مئات السنوات الأسبق. من جانب ثانٍ فإن هذا الزخرف يمكن مناظرته ببعض الشقوف من عبكة (على سبيل المثال Nordström 1972: Pl. 141, 1-2)، وهى وجهة نظر تؤكد عليها عناصر من صناعة الحجر.

وفقاً للتواريخ الراديوكاربونية القليلة من وادي هور، في الوقت نفسه أبعد إلى الجنوب ظل قيد الاستخدام الفخار المزخرف بخط متموج***. البينة الاستراتيجرافية لذلك تأتي من واحد من التلال المتحركة إلى الشرق من جبل رحيب Gabriel et al. 1985; Kröpelin 1993a: 85ff، حيث يؤرخ هذا النوع من الفخار في التل المخروطي 84/24 بحوالي 5800 سنة مضت. تبعه في إطار هذا التواتر بحوالي 5000 سنة مضت نمط متشابك الخطوط الذى صار يعرف أبعد إلى الشمال بنوع لاقية Kuper 1986a: Fig.4; Schuck 1989: Fig 2, 7-12، لكنه يظهر أيضاً في مواقع عديدة في وادي هور Richter 1989. بنية هذا النمط وعناصر الزخرف فيه تذكرنا بوضوح تقاليد ثقافة الخرطوم، لكن مظهره العام يضعه أقرب للمجاميع الأخرى المشتقة من الخرطوم مثل 80/73 رحيبKuper 1981: Abb. 35; 1986: Fig. 2. التشابه القوي بين شقوف لاقية من وادي شو ومن وادي هور قد تشير احتمالاً إلى نوع من التناغم بين المنطقتين، نموذج، قد يكون متوافقاً مع فرضية باشور حول انفصال إقليمين نباتيين Pachur-Kröper 1984 وكذلك مع حقيقة أن تواريخ وادي شو مشتقة في الأساس من المواقد Gabriel 1986: 16، لكن بالطبع نحتاج هنا للمزيد من البينة.

لحن لاقية الفاصل في وادي شو يمكن أن يكون دام احتمالاً فقط لفترة قصيرة، حيث أنه بعد 5000 سنة مضت اتبع كل من وادي هور ولاقية مساراته المختلفة الخاصة. ففي حين بدأ في الجنوب تطور ليترباند المتجه أكثر شرق - غرب، والمؤرخ في قمة ستراتيجرافية تل الرمال المتحرك 84/24 بـ 4600 سنة مضت (Keding 1993 وفي هذا المؤتمر)، شغل وادي شو ووادي ساحل أناس بفخار جد مختلف، والذين استقروا جزئياً في قمم التلال واقتنوا أبقاراً ذات قرون Van Neer-Ueprmann 1989: 331. تتألف المادة الفخارية من مصنوعات سوداء الفم، وشقوف ذات سطح مصقول أو متموج، وأشكال ملونة نادرة، ونمط الختم المهزوز، المعمول بأسلوب الضغط بملعقة أو مشط وفي حالات مصقول فيما بعد. تناظرات لكل هذه السمات توجد وسط مادة المجموعة النوبية الأولى. لكن بالنظر في اتجاهات أخرى يمكن كذلك الكشف عن العديد من تلك العناصر. الزخرف الرائع بتنوعاته والمعمول عن طريق استخدام مشط من عظم سمك الرنكة يمكن تتبعه إلى الجلف الكبير، حيث تظهر تلك الزخارف قبل قرابة 1000 سنة سابقة. رافقها في طريقها عبر سهل سليمة الرملي سلسلة مواد صنعية، مثل حجر الطحن المميز من نوع الجلف Kuper 1993 والذى كان مستخدماً بلا شك في منطقة لاقية فيما بعد أيضاً، وفوق ذلك أكدته دراسة مقارنة لتقنيات تكسير الحجر بين وادي الأخضر ووادي شو الموقع 83/120

(بعد 3000 ق.م. = 4300 سنة مضت)

في وقت متزامن مع بداية الفترة الأسرية في مصر يبدو أن وادي هور شهد هو الآخر نقلة ثقافية. بالقرب من معسكر شو 49 يشير أكثر من 30 تبعثر لأدوات إلى معالم نمط إقامة مساكن أو مركبات مجمعة بصورة مفككة متعاصرة، معتمدة في الغالب على بئر مشتركة Francke 1986; Schuck 1988; 1989. كذلك تم حفر عدد من المدافن، عادة خالية من مرفقات جنائزية باستثناء أعداد كبيرة من خرز من صدف بيض نعام. يقدم الفخار المكتشف بحالة جيدة في الإقامة طيف واسع من الأشكال والزخارف. العديد منها يجد تناظرات مباشرة في مصنوعات ثقافة كرمة، وبعضها في ثقافة المجموعة النوبية الثالثة. لكن هناك مركب معتبر من الشقوف المتميزة التى تدمج أنماطاً تقنية وزخرفية معروفة من مواقع صحراوية أخرى. بالتالي فإن مجاميع المعسكر 49 يبدو أنها تألفت من تقاليد خزفية مختلفة والتي لا يمكن في الوقت الراهن تمييزها بتفصيل. تأثر وادي شو بالصلات بعيدة المدى يمكن التدليل عليه عن طريق شظية ما يسمى بـ وعاء ميدوم المشخص بانتمائه للمملكة القديمة في وادي النيل وأيضاً لموقع عين عاسل بالقرب من داخلة Ballet 1987. الوضع الكرونولوجى يتوافق مع أربعة تواريخ راديوكاربونية من محتواها المباشر في موقع وادي شو 82/52، الذى تجمع حوالي 2500 ق.م.  توجد في وادي هور بينة شحيحة فقط دالة على صلات مع وادي شو خلال تلك الفترة، باستثناء بعض فؤوس من نوع فأس دار فور Kuper 1986a: Fig 3، والتي انتشر توزعها في الجنوب. بنهاية تطور مواقع ليترباند الفخارية، رغم أنها ظلت ثرية، فإنها تبدو قد تمركزت في أماكن محددة ملائمة ايكولوجياً Richter 1989. المجموعات متغايرة الخواص، المؤلفة إلى حد بعيد من فخار ملطف بالنسيج وزخارف هندسية، لم تتم بعد دراستها بتفصيل ولازالت التواريخ الراديوكاربونية مفتقدة. مع ذلك هناك بينة لدور مستمر لوادي هور طريقاً للاتصال بين حوض تشاد والنيل حتى الأزمان القروسطية. الشهاد الأخيرة وفرها الكشف في عام 1984 عن قلعة واسعة تبعد 100 كيلو متر إلى الغرب من النيل. تبلغ مساحتها 220X120 متراً ولازالت جدرانها تقف على ارتفاع 4 أمتار، مزودة بأبراج وسلالم Kuper 1988: Abb. 3,7. يحتمل أن يرجع أصلها إلى العصر المرَّوي الذى تمثل في عدد من اللقي السطحية، في حين تشهد بعض العناصر البنائية للجدران على أنها كانت مستخدمة في عهد مملكة المقرة المسيحية.

تلخيصاً لهذا العرض الموجز على الواحد أن يشدد مجدداً على الضعف العام في قاعدة معلوماتنا. بالطبع يتوقع أن يقود التحليل اللاحق للمادة المتوفرة سوياً مع بينات جديدة من العمل الميداني الجاري، الذى قد يوفر وحدات آثارية كاملة غير معروفة، إلى مراجعة السيناريو الآتي.

مع بداية أمطار الهولوسين بعد 10.000 سنة مضت أعاد سكان قادمون من الخارج الحياة في الصحراء الشرقية، والتي كانت قد شهدت في الألفية السابقة درجة عالية من الجفاف أشد مما هي عليه اليوم. جلبوا معهم إلى الصحراء الليبية الجنوبية في الغالب فخاراً جيد الصنع، مزخرف بأسلوب ثقافة الخرطوم المبكرة واحتمالاً – حصراً في مناطق محددة – أيضاً أبقار. بالتحرك إلى الشمال مع الجبهة الرطبة خلال طور الفخار الوسيط يحتمل أن يكون تقليد الخرطوم قد تطور بثلاث طرق بديلة : (أ) الالتقاء والتأثر احتمالاً بتقليد الفخار غير المزخرف (غض النظر عن مكان أصول هذا)؛ (ب) ولّد من داخله سحنة أنتجت نمط الزخرف؛ أو (ج) تحفيز الناس الذين كانوا حتى حينها بلا فخار لتبني تقنية الخزف، والذين فضلوا، على أية حال، عدم زخرفة جرارهم. السؤال الحاسم للبحث المستقبلي ينحصر في أي من هذه الاحتمالات سيكون الأكثر أساسية – بخاصة فيما يتعلق بعملية "نولتة" المنطقة. طور الفخار الوسيط كما أوضحنا تميز بظهور فخار غير مزخرف قد يكون مدموغ بتدفق من الشرق الأدنى حاملاً معه تقليد خزفي جديد سوياً مع الخراف والماعز لممثلين "نيوليتيين" – وإذ لم تكن موجودة أصلاً منذ أكثر من 2000 سنة – الأبقار.

تطابقاً مع تراجع البيئة السودانية من غرب مصر حوالي 6000 سنة مضت مد الفخار غير المزخرف مدى انتشاره إلى الجنوب (شكل 2). في بداية طور الفخار المتأخر ظهر الفخار غير المزخرف مع السمات التقنية القوية لهذا الطور جنوباً حتى وادي شو. هناك قرابة مؤكدة مع الثقافة العبكية يمكن ملاحظتها، لكن اتجاه التأثير يظل مسألة خاضعة للتكهن. بامتداد النيل تبدو هذه المجموعة معاصرة إلى حد بعيد مع نوع ثقافة الخرطوم، في حين أن فخار الخرطوم المبكرة  ظل قيد الاستخدام في وادي هور. في تواز مع المجموعات المختلفة المشتقة من ثقافة الخرطوم على امتداد النيل، يمكن حتى الآن وصف فرعين في الصحراء : مجموعة الرحيب ومجموعة اللاقية. في حوالي 5000 سنة مضت يبدو أن الأخيرة كانت الممثل الأخير لتقليد ثقافة الخرطوم في منطقة اللاقية.

فيما بعد شهدت منطقة وادي هور ولاقية تطوراً مختلفاً : في وادي شو ووادي ساحل أصبح شائعاً فخار من نوع فخار المجموعة الأولى، مؤلفاً عناصر قد تشير على الأقل إلى أن بعض جذوره في منطقة الجلف الكبير. في الوقت نفسه – طبقاً للنتائج المتحصل عليها من موقع جبرونة - بدأ في وادي هور ازدهار تواتر ليترباند، الذى تطور فيما يبدو من مجموعات الخرطوم النيوليتية من نوع الجيلى. وفي حين يشير غياب معطيات من السودان الأوسط بعد 5000 سنة مضت إلى فجوة مستمرة هناك، فإن تطور فخار وادي هور كان مستمراً. واضح أن "النهر الأصفر" كان قادراً بصورة مستمرة على جذب الإقامة الإنسانية وأن يبقى طريقاً بين أفريقيا الداخل ووادي النيل حتى الأزمان المسيحية. على عكس ذلك فإن الحياة في الإقامة في المعسكر شبه الواحة 49 بمنطقة اللاقية انتهى في الألفية الثانية ق.م. موفراً مع ذلك بعلاقاته في بداية العصر الأسري تدليلاً حياً لتقارير الفراعنة عن سكان الصحراء. قطعاً لم يسافر حرخوف إلى عالم غير معروف.

* الإشارة إلى التسمية التقليدية للوحدة الجغرافية الكبرى بـ "الصحراء الليبية" تبدو اليوم أكثر مناسبة بدلاً عن مصطلحات "السودان الغربي"، "النوبة الغربية" أو "الصحراء الغربية"، والتي تكون ملائمة من الناحية السياسية، لكنها أقل ملائمة من الناحية العلمية لتوصيف المنطقة كمركب لمنظر عام أشمل – بما قي ذلك أجزاء من مصر وليبيا – والتي وفرت إطاراً بيئياً للتطور الإنساني.
** يوضح ذلك إلى أي مدى تعكس صناعات الجلف تطورات ثقافية محلية أكثر منها تطورات عامة. على ضوء الحالة الفعلية لمعرفتنا لا يمكن بحال عدها نقطة يمكن منها تقييم مجمل النيوليتى المتأخر لشمال شرق أفريقيا أو حتى تقسيمه إلى فروع إقليمية، بخاصة إذا كانت القاعدة لذلك فقط عناصر منفردة هي فوق ذلك تتميز ليس فحسب باختلافات تقنية وثقافية ومنعزلة جغرافياً، وإنما أيضاً غير متعاصرة (Schön 1994: 143)!
*** يبدو أن هناك عدم موثوقية فيما يتعلق بالتواريخ من وادي هور والتي تأتي بصورة أساسية من العظام. في العديد من المواقع الأخرى، حيث اؤرخت العظام سوياً مع فحم أو لحاء بيض نعام من المحتوى نفسه، فإنها – أيضاً إذا تم تصحيحها بالكربون13 – ثبت رجوعها إلى حوالي 300 سنة أصغر. يحتمل ضرورة أخذ هذا العامل في الحسبان أيضاً بالنسبة لتواريخ وادي هور. 


BALLET, P. 1987,  ‘Essai de classification des coupes type Maidum-Bowl du sondage de 'Ayn-Asil (oasis de Dakhla), Typologie et evolution’, Cahiers de la Cerarnique E,gyptienne 1, 1-16.
BIETAK, M. 1968, Sludien zur Chronologie der Nubischen C-Cruppe, Wien.
CLOSE, A.E. 1987, Preface, in A.E. Close, ed., 1987, XI-VI.
CLOSE, A.E.1992, ‘Holocene Occupation of the Eastern Sahara’, in F. Klees, - R. Kuper, eds., 1992, 155-183.
CLOSE, A.E. (ed.) 1987,  Prehistory of Arid North Africa, Essays in Honor of Fred Wendorf Dallas.
CZIESLA, E. 1986, ‘Excavations at Wadi Sahal’, in M. Krause, Hrsg., 143-149.
FRANCKE, U. 1986. ‘Camp 49 re-examined’, in M. Krause, Hrsg., 137-142.
GABRIEL, B. 1986, Die ostliche Libysche ILusle im Jurcgquarliir, Berliner geographische Sludien 19, Berlin.
GABRIEL, B. - KROPELIN, St. 1984, ‘Holocene lake deposits in NW-Sudan’, Palaeoecology of Africa 16, 295-299.
GABRIEL, B. - KROPELIN, St. - RICHTER, J. - CZIESLA, E. 1985, ‘Parabeldiinen am Wadi Howar’, Ceowissenschaften in unserer 7.eil 3, 105-112.
GEUS, F. 1992, ‘The Neolithic in Lower Nubia’, in F. Klees - R. Kuper, eds., 219-237.
HAHN, J. 1993,          ‘Neolithic settlement patterns in the Gebel Kamil area Southwestern Egypt, I’, L. Krzy-zaniak et al., eds., 225-236.
HASSAN, F.A. 1986, ‘Chronology of the Khartoum « Mesolithic, and a Neolithic, and related sites in the Sudan: statistical anal­ysis and comparisons with Egypt’, The African Archaeological Reuieeu 4, 83-103.
HAYNES, CX. 1987,         ‘Holocene Migration Rates of the Sudano-Sahelian Wetting Front, Arba'in Desert. Eastern Sahara’, in A.E. Close, ed., 69-84.
HAYNES, CX. - EYLES, C.H. - PAVLISH, L.A. - RI'FCHIE, J.C. - RYBAK.M. 1989, ‘Holocene palaeoecology of the Eastern Sahara: Selima Oasis’, Quaternary Scie»cr Rezieies 8, 109-136.
HINKEI, F.W. 1979,         The Archaeological Map of the Sudan. Pasc. II: The Area of the South Libyan Desert. Berlin.
HOLSCHER, W. 1937,          Libyer und .Agyper, Gliickstadt.
IDRIS, G. 1994a, ‘A Neolithic Settlement in the Selima-Sandshect, Northern Sudan’, in Ch. Bonnet, ed., Eludes 1Vubiennes Vol. II. Genev•e, 101-108.
IDRIS, G. 1994b, Die Altsteinzeit im Sudan, Areh¢ologische Berichte 4, Bonn.
KEDING, B. 1993, ‘Leiterband sites in the Wadi Howar, North Sudan’, in L. Krzvzaniak et al., eds., 371-380. in prep. Djabarona 84i13, Africa Prachisloric    
KLEES, F. 1989,   ‘Lobo: a contribution to the prehistory of the eastern Sand Sea and the Egyptian oases’, in L. Krzyzaniak - ?`i. Kobusiewicz, eds., 223-231.
KLEES, F.1993,         ‘Zur Verwendung des Begriffs “Neolithikum” im Bereich der holozanen Kulturen Nordafrikas’, archkologische Infornzationen 16. 39-46.
KLEES, F. - R. KUPER (eds.) 1992, New Light on the Northeast African Past, Africa Praehistorica 5, Koln.
KRAUSE, M. Hrsg. 1986, ATubische Studien. Mainz.
KROPELIN, St.1990   ,    Lower yVadi Howar, Berliner geowissz-nschaffliche Ab/tandlungen (A) 120, 223-234, 256-259.
KROPELIN, St.1993a, Zur Rekonstruklion der sfiotquarlaren Umzcelt am L'ntercn I1 Qdi Horuar (Suddstliche Sahara/NIl'-Sudan), Berliner ge­o,grnpiatsclre Ablrandlungen 5-}, Berlin.
KROPELIN, St.1993b, 'The Gilf Kebir and Lower Wadi Howar : contrasting Early and Mid-Holocene environments in the Eastern Sahara', in L. Krzyzaniak cl al., eds., 249-258.
KRZYZANLAK, L. - KOBUSIEWICZ, AM. (eds) 1989    ,    Late Prehistary nf the Nile Basin and the Sahara, Poznan.
KRZYZANIAK, L. - KOBUSIEWICZ, M. - ALEXANDER, J. (eds.) 1993  ,    Environmental change and human culture in the Nile Basin and .'Vorthern Africa until the second millennium B. C. , Poznan.
KUPER, R. 1981   ,    Untersuchungen zur Besiedlungsgeschichte der ostlichen Sahara. Vorbericht uber die Expedition 1980, Beilrage zur Allgemeinen und Verg/eichenden Arch6ologie 3, 215-275.
KUPER, R. 1986a, Wadi Howar and Laqiya - recent field studies into the early settlement of northern Sudan, in M. Krause, Hrsg., 129-136.
KUPER, R. 1986b, The Selima Sandsheet : buffer or turntable in the Eastern Sahara? in The Longest Record: The Human Career in Africa. A Conference in Honour of J. Destnond Clark, Berkeley, 53-54.
KUPER, R. 1988   ,    Neuere Forschungen zur Besiedlungsgeschiehte der Ost-Sahara, Arch6ologisches Korrespondenzblatt 18, 127-142.
KUPER, R. 1989   ,    The Eastern Sahara from North to South : Data and dates from the B.O.S.-Project, in L. Krzyzaniak - M. Kobusiev+'icz, eds., 197-203.
KUPER, R. 1993   ,    Sahel in Egypt : environmental change and cultural development in the Abu Ballas area, Libyan Desert, in L. Krzyzaniak cl al., eds., 213-223.
KUPER, R., Hrsg. 1989    ,    Forschungen zur C-tnzcehgeschichle der Ostsahara, Africa Prachistorica 2, Koln.
McCAULEY, J.F. - BREED, C.S. - SCHABER, G.G. - \1cHUGH, yV.P. - ISSAWI, B. - HAY1iES, C.V. - GROLIER, M.J. - EL KILANI, A. 1986 , Paleodrainages of the Eastern Sahara - The Radar Rivers Revisited (SIR-A/B Implications for a Mid­Tertiary Trans-African Drainage System), IEEE Transact. Geosc. Rezn. Sens. GE-24, 624-648.
McDONALD, M.M.A. 1991     ,    'Origins of the Neolithic in the Nile Valley as seen from Dakhleh Oasis in the Egyptian Western Desert', Sahara 4, 41-52.
McDONALD, M.M.A. 1993     ,    'Cultural adaptations in Dakhleh Oasis, Egypt, in the Early to Mid-Holocene', in L. Krzyzaniak et al., eds., 199-209.
MEISSNER, B. - SCHMITZ, H. J. 1983   ,    Zur Kartierung alter Entwasserungssysteme in der Sahara mit Hilfe von Fernerkundungs-Date n - Am Beispiel des Nordv,-est-Sudan, Berliner geou,,issenschaftliche Abhandlungen (A) 47, 87-93.
MOHAMMED-ALI, Abbas S. 1982 ,    The Neolithic Period in the Sudan, c. 6000-2500 B.C., BAR International Series 139, Oxford.
NEUMANN, K. 1989a, Zur Vegetationsgeschichte der Ostsahara im HolozanHolzkohlen aus prahistorischen Fundstellen, in R. Kuper, Hrsg., 13-181.
NEUMANN, K. 1989b, 'Holocene vegetation of the Eastern Sahara: charcoal from prehistoric sites', The African Archaeological Review 7, 97-116.
NEUMANN, K. 1994   ,    4Virtschaftsweisen im Neolithikum der Ostsahara und ihr Einflui3 auf die Vegetation, in M. Bollig - F. Klees, Hrsg., Uberlebensstrategien in Afrika, Colloquium Africanum 1, Koln, 47-65.
NEWBOLD, D. 1924   ,    A Desert Odyssey of a Thousand Miles, Sudan Notes and Records 7, 43-92.
NEWBOLD, D. - SHAW, W.B.K. 1928     ,    An Expedition in the South Libyan Desert, Sudan Notes and Records 11, 103-194.
NORDSTROM, H.-A. 1972     ,    Neolithic and A-Group Sites. The Scandinavian Joint Expedition to Sudanese Nubia, 3, Uppsala.
PACHUR, H. J. 1987  ,    Vergessene Flusse und Seen der Ostsahara, Geowissenschaften in unserer Zeit 5, 55-64.
PACHUR, H.J. 1987   ,    'Wadi Howar : Paleoelimatic Evidence from an Extinct River System in the Southeastern Sahara', Science 237, 298-300.
PACHUR, H.-J. - KROPER, H.-P.1984    ,    The Libyan (Western) Desert and northern Sudan during the late Pleistocene and Holocene, Berliner geowis­senscha/tliche Abhandlungen (A) 50, 249-284.
PACHUR, H. J. - KROPELIN, St. - HOELZNLANN, P. - GOSCHIN, M. - ALTMANN, N. 1990 ,    Late Quaternary fluvio-lacustrine environments of Western Nubia, Berliner geozcissenschaftliche Abhandlungen (A) 120, 203-260.
PI1'TIONI, R. 1950, Beilrage zur Geschichte des Keramikums in Afrika und im Nahen Osten, Prdhtstorische Forschungers 2.
RHOTERT, H. 1952, Libysche Felsbilder, Darmstadt.
RICHTER, ,J. 1989, 'Neolithic sites in the Wadi Howar (Western Sudan)', in L. Krzyzaniak - M. Isobusiewicz, eds., 431-442. SHAW, W.B.K.
RICHTER, J. 1936 ,    'An Expedition in the Southern Libyan Desert', Geographical journal 87, 193-221.
SHAW, W.B.K. 1936, 'An Expedition in the Southern Libyan Desert'. Geographical Journal 87: 193-221.
SCHON, V. 1994   ,    'The I_ate Neolithic of Wadi el Akhdar (Gilf Kebir) and the Eastern Sahara', Archeologie du Nil Aloyen 6, 131-175.
SCHUCK. W. 1988, 'Wadi Shaw - eine Siedlungskammer im Nord-Sudan', Archaologisches Korrespondenzblatt 18, 143-153.
SCHUCK, W. 1989     ,    'From lake to well: 5 000 years of settlement in Wadi Shaw (Northern Sudan)', in L. Krzyzaniak - VI. Kobusiewicz, eds., 421-429.
SCHUCK, W. 1993     ,    'An archaeological survey of the Selima Sandsheet, Sudan', in L. Krzyzaniak et al., eds., 237-248.
SINCLAIR, Y.J.J. - SHAW, Th. - ANDAH, B. 1993 ,    'Introduction', in Th. Shaw - P. Sinclair - B. Andah - A. Okpoko, eds., The Archaeology of Africa - Food; rnetals and towns, London/New-York, 1-31.
VAN NEER, W. 1989, Holocene fish remains from the Sahara, Sahara 2, 61-68.
VAN NEER, W. - UERPMANN, H.-P. 1989   ,    'Palaeoecological Significance of the Holocene Faunal Remains of the B.O.S.-Missions', in R. Kuper, Hrsg.. 307-341.
WENDORF, F. 1968   ,    Summary of Nubian Prehistory, in F. fVendorf, ed., 1041-1059.
WENDORF, F., ed. 1968  ,    The Prehistory of.\'ubia, 2 vols, Dallas.
WENDORF, F. - SCHILD, R. 1976    , Prehistory of the A"ile Valley, New York.
WENDORF, F.- SCHIKD, R. 1984     ,    'Introduction', in F. Wendorf et al., eds., 1-8.
WENDORF, F. - SCHILD, R. - CLOSE, A.E., (eds) 1984,  Cattle-Keepers of the Eastern Sahara: The Neolithic of Bir Kiseiba, Dallas.
WENDORF, F. - SCHILD, R. - CLOSE, A.E., (eds) 1989    ,    The Prehistory of Ihadi Kubbaniya, 2 and 3, Dallas.

النص الإنجليزي للمقال                                                       علم الآثار والتاريخ وإسهامهما في فهم التاريخ النوبي القروسطي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق