الأربعاء، 15 مارس 2017

عقل الرجعة في عصر الفونج 1505-1821

أركامانى مجلة الآثار والأنثروبولوجيا الســـودانية
عرض الكتب والدراسات

 
 
عقل الرجعة في عصر الفونج 1505-1821
"قراءة من واقع طبقات ودضيف الله"
بحث لنيل درجة الماجستير قدمه عثمان حسن عثمان
إشراف أ.د.أسامة عبدالرحمن النور
اللجنة الممتحنة: أ.د.ياسين عريبى، وأ.د.على الحوات، وأ.د. نجاح القابسى
كلية العلوم الاجتماعية التطبيقية بجامعة الفاتح ، طرابلس 1996
 
انقطعت هذه الدراسة إلى تبيان وتحليل بعض أهم جوانب الوضعية الفكرية، تحديداً "عقل الرجعة" الذى مثلَّ العقل الذى حملته الثقافة العربية في كنهها عند مجيئها إلى السودان ليتمازج مع العقل المحلى المسيحي وما قبل المسيحي، في واحدة من أكبر عمليات التمازج التى شهدها السودان في تاريخه، والتي نتج عنها نشوء أولى الممالك الإسلامية السودانية. وقد أحدث ذلك التمازج إشكالية ارتهنت إليها أوجه الحياة الفكرية والثقافية في عصر الفونج، ولعلها لا زالت تضرب بأطنابها في عمق الحياة المعاصرة.
 
تأتى أهمية الدراسة من حيث أنها لا تتناول الأحداث التاريخية بقدر ما هي دراسة للعقل، أي دراسة للأفكار أكثر منها دراسة لاطراد الوقائع التاريخية، الأمر الذى فرض على الباحث إتباع منهجية محددة اعتمدت إلى درجة كبيرة على التدليل المنطقي، أي على التفسير النقدي لتلك الأفكار. فرضت دراسة العقل السوداني في عصر الفونج على الباحث تحليل الآراء ثم تفسيرها نقدياً وتبيان أوجه الاعتدال فيها أو الانحراف بطريقة منطقية. وعليه فإنه طالما أن النتائج التى توصل إليها الباحث قد اعتمدت على المنطق وعلى الرأي الراجح فإن بحثه قد تضمن بالضرورة التفسير النقدي الذى هو خطوة متقدمة عن مجرد الحصول على الحقائق.
 
بالتالي هدفت الدراسة إلى تحليل بعض مظاهر " عقل الرجعة " الوافد بعد تمازجه بالعقل المحلى، تلك المظاهر التى يكشف عنها مؤلف الطبقات لود ضيف الله، بوصفها نمطاً حياتياً معيشياً، وتجربة إنسانية حية. قبل ذلك تتثبت الدراسة نظرياً من أن " عقل الرجعة " فعلاً هو الذى مثل عقل الثقافة العربية في عصر الانحطاط الذى تزامن مع دخول الثقافة العربية إلى السودان. بالتالي تأسست فرضيَّة البحث بشكل أساسي على مسألة استعراب السودان وتحوله إلى الإسلام.
 
على هذا النحو اتجه الباحث في مسعاه إلى عدد من المسائل والإشكالات التى تتصل بالموضوع والرؤية، من أهمها إشكالية التمازج وما يرتبط بها من عوامل ومتغيرات أطّرت التمازج العميق الذى تمَّ ما بين المجموعات المحلية التى انفتحت بالمصاهرة أو المعايشة..الخ. على الجماعات العربية الوافدة، مما أدى إلى تكوين مجتمع جديد متميز. ويتساءل الباحث هل كان ذلك بالفعل، كما قال بذلك الأستاذ الدكتور عون الشريف قاسم، تمازجاً عفوياً وتلقائياً؟ أم أنه خلافاً لذلك قد خضع لاستراتيجيات معينة وجهت مسيرته؟

في محاولته الإجابة على السؤال سعى الباحث إلى دراسة الآليات التى تبناها المجتمع الجديد حفاظاً على كيان خاص ومتميز. من أين جاءت تلك الخصوصيَّة وذلك التميز؟ وهل يمكن الوقوف على مظاهر معينة تشهد تلك الخصوصية وذلك التميز، بحيث أمكن الحديث عن هُويَّة ذاتية يعبر عنها السودان الحالي بوصفه تشكلاً لظاهرات ثقافية متعددة الأصول والتوليدات المختلفة الناتجة عن ذلك مما أكسبه طابعاً خاصاً ومتميزاً؟

أتاح طرح الموضوع بتلك الصورة للباحث الفرصة على تسليط ضوء كاشف حول عملية أسامة السودان واستعرابه من جهة، كما ساعده على معرفة الوضعية الثقافية التى كانت سائدة قبل الأسلمة والاستعراب من جهة أخرى، مما أتاح له إمكانية الربط المنطقي ما بين العقل وأساسيات الثقافة التى شكلَّته في عصر الفونج، والمظاهر التى اتخذها وفقاً للتجربة التاريخية.
 
ولما كان كتاب " الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان " لمؤلفه محمد النور بن ضيف الله بن محمد الجعلى الفضلى (ت.1810م) مادة البحث المصدرية فإن البحث يتجه بعد ذلك إلى دراسة مظاهر العقل، نافذة يطل منها على العقل في عصر الفونج.   
 
يقدم عثمان حسن عثمان لبحثه قائلاً " تملك الباحث إحساس متزايد بأن معرفة الذات السودانية لا تعدو كونها أساطير يختلط فيها الواقع بالوهم، سواء أكان ذلك نتيجة لقلة الدراسات الأكاديمية والعلمية النافذة وانعدامها، أم لشيوع كتابات ثيولوجية أشبه بكتابات القرون الوسطى. فضلاً عن تلك الملاحظات التى توفرت للباحث والتي تعبر عن مسائل تشير إلى انسداد الفكر، وتناقض المنطوق والعمل، وغلبة العاطفة. لذلك تحاول هذه الدراسة تحقيق فهم أعمق للإنسان السوداني، في سياق يبرز الهم العلمي صيغة معتبرة للنضال من أجل التحرر وتطوير الثقافة الوطنية".
توصلت الدراسة إلى صياغات أولية عامة لإشكالية عقل الرجعة بدت كالتالي:
 
1- مثلت الصوفقهية النسق الفكري والعقلي لعصر الفونج الذى ساده عقل الرجعة..." تبلور ذلك العقل من معطيات هذا الفضاء الثقافي. من ثمَّ كان ذلك العقل بالضرورة مستوحياً للخطاب الثقافي والاجتماعي، "الأيديولوجيا"، الخاص بتلك المرحلة وفقاً للنسق الصوفقهى ووفقاً لموجهاته حسب شكل الأسئلة المطروحة على المجتمع في تلك الفترة المبكرة من تاريخ تكوينه ونموه. وقد تمكن "عقل الرجعة" من صياغة مفاهيم تعبر، بهذه الدرجة أو تلك من الصدق، عن واقع المجتمع في عصر الفونج: الحر/العبد، والوعي بالنسب والنسب الشريف، والبركة والصلاح، ومفهوم خاص للعلم وغيرها من المفاهيم والتصورات التى توقفت عندها دراسته، ولا يستقيم تحليل عصر الفونج بدون استخدام تلك المفاهيم. وقد تألفت وحدة تلك العناصر والمفاهيم في الذهن بالاعتقاد في الأنا والذات والاعتقاد في تصوراتها وإستشرافاتها. بالتالي فإن إسهامات هذه الأيديولوجيا تدعم الصراع مع الآخر، أو الأيديولوجيا النقيضة. من ثم أصبحت الوحدة في ظل التنوع بالنسبة لعقل الرجعة في عصر الفونج مشروطة بوحدة الأيديولوجيا أو اتفاقها في المضامين الأساسية على أقل تقدير، خلافاً لواقعها الجاري فعلياً.
 
2- لذلك فإن عجز الأيديولوجيا وتخلفها في السودان المعاصر مثلَّ سبباً جوهرياً في أزمة المجتمع الحاليَّة التى تكشفت في صراعات اثنية وثقافية عديدة لم تنجح تلك الأيديولوجيا في تخطى منهجيات عقل الرجعة التى ترجع لحقبة بعيدة في تاريخ السودان بل تيبس فكر الرجعة المعاصر في تلك المقولات وما يتصل بها من مفاهيم وتصورات. قاد ذلك إلى التعالي بالممارسة الأيديولوجية مما ينفي تاريخية الحقيقة الاجتماعية التى ترد عليها قيود التأويل والاستنباط. وبكل تأكيد فإن كل الأفكار المنتجة في هذه الحالة لا ترتبط بواقعها الاقتصادي والاجتماعي المعيش بقدر ما هي مرتبطة بواقع آخر مختلف تماماً. بالتالي لا تعد بحال شكل من أشكال الوعي وإن كانت جزءاً من أساس اجتماعي في إطار البنية الكلية.
 
لذلك فإن المفاهيم والآليات المستخدمة في نطاق فكر الرجعة السائد لا يصلح استخدامها مفاتيح لتحليل المجتمع السوداني المعاصر خاصة من زاوية الرغبة في تحقيق تفاعل ثقافي واجتماعي. إنها لا تمتلك إلا درجة جزئية من الصدق. ونسبة للقصور الذى لازمها تحولت إلى عوائق معرفية حالت دون تحقيق وحدة وطنية حقيقية وقادت لأشكال صراع لم تعكس سوى الخصومات والمصالح الخاصة والعمل على تركيزها.
 
3- لأجل ذلك جاءت الدعوة بضرورة إعادة النظر في مسلمات "عقل الرجعة"، فكر الرجعة، بكل أبعادها: الآراء والأفكار، المنتج منها والمستهلك، الاهتمامات والمشاغل، القيم والمعتقدات، الطموحات السياسية والاجتماعية الخ. وطرحها في اتجاه يدعم وحدة السودان ويؤكد على قيم الحوار البناء وتعزيز الرؤى الواعية، دفعاً للحركة الإنسية وتأكيداً على أهمية القناعة بدور الإنسان والمفاهيم المنبثقة عن ذلك والتي تدور حول الوطن والمواطنة وتعزز التعايش في مضمون الفكر وصلب الوعي بوصف التعايش غاية الدولة.
 
4- إن مهمة الخطاب المعاصر، والذي فضل الباحث تسميته " الأيديولوجيا البديلة" تأكيد موقفه باعتباره قسماً وجزءاً من القاعدة الثقافية طالما أنها هي التى تتحكم بدرجة رئيسة في العلم واستخداماته وفي فضاء إنتاج المعرفة. فقط بإنقاذ الخطاب المعاصر لمهمته هذه يمكن أن تزدهر المعرفة وتتعمق لتصبح ممارسة حقيقية من خلال اقترانها بوعي فلسفي وفكري مطابق للواقع فالخطاب بهذا الشكل يدعم من صور التفاعل التى تتوقف على انبساط أكبر مستوى من القواسم المشتركة، ويمثل هذا منطلق الخطاب الذى يأتي استجابة حقيقية ومباشرة للواقع كما لا يمكن فهمه إلا عبر هذا الواقع، وهو يهدف بهذا المنطق قادر على تفادى التمزقات والنزاعات ودمجها تدريجياً في إطار البنية العامة- السودان.
 
5- عليه فإن أزمة السودان التى لا زال يعانى مرارتها ناتجة عن أزمة الفكر الذى أصيب بالعجز الأيديولوجي. إنه لم ينجح في تخطى منهجيات "عقل الرجعة" التى عبرت في مختلف مراحل التاريخ عن عدم التناغم مع الواقع وتمثله اللفظي. إن هذا العجز الأيديولوجي عن مسايرة الواقع أو التعبير عنه يأتي في مقدمة الأسباب الخاصة بتشخيص أزمة المجتمع السوداني الراهنة. لذلك تنحصر المشكلة في حل إشكاليات الفكر وإزالة تناقضاته بحيث تظهر الضرورة لطرح مشروع أيديولوجي يسعى إلى تجاوز الأزمة والخروج منها، ذلك أنه قد ثبت من واقع هذه الدراسة خطورة الدور الذى يقوم به الفكر في تعمية الواقع وتصور واقع افتراض ينبوع الأيديولوجيا السائدة.
 
 
 
رسالة ماجستير مقدمة من آمال النور حامد
إشراف أ.د.أحمد ظافر محسن . اللجنة الممتحنة: أ.د. بشير القبى،و أ.د. أبوبكر شلابى
كليَّة العلوم الاجتماعية التطبيقية- جامعة الفاتح، طرابلس 1996

تمثل هذه الدراسة بحثاً في علاقة الإعياء والانفعالات المصاحبة لهما في طقوس الزار بالترويح النفسي. هذا وقد ارتكزت الدراسة على إطار نظري وتحليل للدراسات السابقة التى تناولت ظاهرة الزار من جوانب مختلفة، لتنتقل إلى إنجاز الدراسة الوصفية الميدانية من واقع طقوس الزار الحالية كما هى ممارسة في العاصمة السودانية المثلثة.

طرحت الدراسة عدداً من التساؤلات حاولت الإجابة عليها من واقع الدراسة الوصفية ومن واقع النتائج المتحصل عليها من القياسات الفسيولوجية ( الوزن، وضغط الدم، والسكر، وسرعة التنفس)، وتمثلت التساؤلات في الآتي:
* ما مدى تأثير الاعتقاد في الزار وفي شيخته على دافعية الممارسة للزار؟
* ما مدى التأثير الذى تمارسه الانطباعات الحسية على الممارسات للرقص حتى درجة الإعياء؟
* ما مدى تأثير جمهور المشاهدات على تحفيز الممارسات للرقص حتى درجة الإعياء؟
* ما هي علاقة الإعياء والانفعالات المصاحبة لهما في طقوس الزار بالترويح النفسي؟

وفي الإطار النظري الذى يشكل الأساس الذى اعتمدت عليه الدراسة الوصفية الميدانية تناولت الباحثة بداية ظاهرة الزار من حيث أصل التسمية وجذورها التاريخية وبحسبانها ظاهرة اجتماعية ثقافية ترتبط بالفكر الأنيمى وبالسحر وبالفكر الخرافي. ثم أن الباحثة غطت الإعياء والانفعالات المصاحبة للطقوس وتأثيرهما على الجسم، وكذلك تناولت الجوانب النفسية المرتبطة بالزار من منظور العلاقة بين النفس والجسد.

خصصت الباحثة الفصل الرابع من بحثها لعرض نتائج الدراسة الميدانية ومناقشتها وتحليلها. وقد توصلت الدراسة إلى نتائج أجملت في الآتي:

أولاً: بالنظر للممارسة الممبزة لطقوس الزار يمكن عدها ظاهرة فسيولوجية الطابع من حيث الأداء الحركي والتعب والانفعالات المصاحبة وما ينتج عن ذلك من تغيرات في البيئة الداخلية لجسم الممارسة. وتعتمد ممارسة طقوس الزار على مؤثرات نفسية تتأسس على أرضية الاعتقاد في مفهوم الأرواح وإمكانية تلبسها جسم الفرد وما يرتبط بذلك المفهوم من خرافات، ذلك إلى جانب القناعة بفاعلية العلاج من قبل المريضة والمعالجة في آن معاً. ومن ثم يمكن النظر للزار بحسبانه ظاهرة سيكوفسيولوجية تجوز دراستها وإدراكها من منظور العلاقة الوثيقة بين العقل والجسم رغم الثغرات التى لا زالت تمثل إشكالية لم يتم حسمها في هذا المجال.

ثانياً: إن الانفعال الناتج عن ممارسة طقوس الزار يشتمل على جانب معرفي ذلك أن التغيرات الفسيولوجية لا تتسبب وحدها في الانفعال بل يحتاج إلى تقييم معرفي لوضعية المثير. تبدأ المعرفة بالإدراك والتقييم ونتيجة لهذا التقييم يحدث الانفعال. ويكون التعبير في أنماط الانفعال في طقوس الزار عبر استجابات فسيولوجية تتبع الميل الذى تشعر به الممارسة للطقوس. يتمثل هذا الجانب الإدراكى والمعرفي والتقييمى لدى الممارسة لطقوس الزار في اعتقادها في إمكانية استدراج الروح التى تلبستها سعياً لاسترضائها وعقد أواصر السلام والوئام معها. ومن ثم فإن طقوس الزار تمثل بالنسبة للممارسة استراتيجية رئيسة تأميناً لذاتها ودرءاً للخطر الذى يتهددها وإبعاداً لخوفها الدائم.

ثالثاً: الانفعال في الزار هو من نوع الانفعالات التى قد تزود الممارسة بدوافع ورغبات تدفعها لمواصلة الرقص وهى ذات قيمة تعبيرية في ربطها بين الممارسات. إنها شحنة انفعالية تزود الممارسة بدوافع ورغبات للتجاوب والتفاعل مع الجو الصاخب، ومن جانب ثانٍ فإن تلك الانفعالات تضعف إرادة الممارسة وقوتها النقدية وتساعد على تفكك المعلومات مما يجعلها عرضة للخضوع لإيحاءات الشيخة المعالجة.

رابعاً: تتميز طقوس الزار بوجود منبهات حسية متعددة من بخور وطبول وغناء وموسيقى وألوان يكون لها تأثير إدراكى من جانب ووجداني من جانب ثانٍ يشكل فهم العلاقة بينهما وإدراكها عاملاً مهماً. فالرتابة والتكرار في كلمات الأغاني ونمطية الإيقاع كل ذلك يؤدى إلى تكيف الممارسة مما قد يدفع إلى تحويل وعيها من البيئة الخارجية الواقعية إلى بيئتها الداخلية، أي إنفصالها عن العالم الخارجي مما قد يجعلها عرضة لحرمان حسي والوقوع في حبائل الإيحاء.

خامساً: تؤثر التغيرات الكيميائية والفسيولوجية التى تحدث داخل الجسم على الحساسية الباطنية للممارسة، وتؤثر الدورانات والأرجحة والتمايل واهتزازات الرأس يمنة ويسرة أثناء الرقص على حاستي الحركة والتوازن.

سادساً: يصحب ممارسة الزار هبوط وقتي في القدرة على الأداء وصولاً إلى مرحلة التعب التى تتجلى في الإرهاق الجسمانى الناتج عن عنف الرقص والذي تصل من خلاله الممارسة إلى درجة من الإعياء والغيبوبة. بعدها تبدأ مرحلة استعادة الراحة التى يسترخى فيها الجسم مما يسمح للآليات التعويضية في أداء وظيفتها لاستعادة ما فقده الجسم من طاقة.

سابعاً: بالنظر للزار ممارسة طقوسية تهدف إلى تحقيق الاسترخاء يبدو أنه رغم التوتر الشديد المميز لطقوسه فإنه توتر لا يقف ضد الاسترخاء بل يمثل نقطة الصفر للتوتر. ذلك أنه نشاط يؤدى إلى تحقيق رغبة بعينها في إعتقاد الممارسة، أي أنه استخدام لطاقات نفسية تُحدث تفريغاً انفعاليا قد يؤدى إلى السرور.

ثامناً: يمكن النظر للزار بحسبانه شكلاً من أشكال السيكودراما يتميز بالدمج بين أساليب مختلفة مثل الغناء والطبول والرقص. كما أنه يحتوى على تعبيرات فنية، وطرق يستخدمها مثل الملابس الشعبية، ووسائل مسرحية تقليدية، ومكياج، وبخور..الخ. هذا إلى جانب كونه ممارسة تتم في جو احتفالي مدعوم بالذبائح والكرامات.

تاسعاً: يوفر الوسط العلاجي في طقوس الزار من حيث المكان والجمهور المشارك شيئاً من الراحة والطمأنينة للممارسة ويحفزها على التجاوب مع الشيخة المعالجة التى تحثها على التفاعل والرقص بدون حرج أو تكلُف وإطلاق العنان لانفعالاتها وصولاً إلى قمة الإبداع كسباً لرضاء الأسياد.

عاشراً: يتم تحرر الممارسة من الضوابط الاجتماعية والانعتاق من قيود القهر المفروض عليها دون عقاب أو تجريم وذلك من خلال الرقص الحركي التعبيري.

( صورة من الرسالة مودعة بمكتبة السودان- جامعة الخرطوم، وبمكتبة جامعة الأحفاد للبنات)


رسالة ماجستير مقدمة من الطالبة نهى عبدالحفيظ
المشرف : الدكتورة انتصار الزين صغيرون
المناقش الداخلي : البروفسور على عثمان محمد صالح  المناقش الخارجي : الدكتور يوسف مختار الأمين
شعبة الآثار بجامعة الخرطوم 2005

يتناول هذا البحث تعريف علم الاثنوأركيولوجيا من حيث طبيعته ونشأته كواحد من افرازات علم الآثار الجديد ، وتداخل العلاقة مابين علم الآثار وعلم الإنسان . وذلك من خلال التعرف على الفرضية الأساسية التى يقوم عليها، وطبيعة الدراسات الاثنوأركيولوجية وتطورها، إلى جانب علاقة علم الاثنوأركيولوجيا بأحد المداخل المشابهة له وهو علم الآثار التجريبي.

يهدف هذا البحث إلى التعرف على الدور الذى قد تلعبه الدراسات الاثنوأركيولوجية في تفسير الآثار السودانية، فكان التعرض لنماذج مختلفة من الدراسات الاثنوأركيولوجية التى أجريت في السودان، والتي كان من أحد أسباب نجاحها استمرار العديد من السمات الثقافية في الثقافة السودانية. فدللت هذه الدراسات على أهمية استخدام المدخل الاثنوأركيولوجي في تفسير الآثار السودانية، والآفاق الواسعة التى يمكن أن يفتحها للباحثين في هذا المجال.

أما الدراسة التطبيقية فقد حاولت من خلالها الباحثة تفسير المخربشات المسجلة على جدران الحوش الكبير بموقع المصورات الصفراء، خاصة تلك التى تتناول موضوع الصيد بالكلاب والسفروك. استعانت الباحثة في دراستها هذه بالمدخل الاثنوأركيولوجي لمعرفة السلوك الإنساني الذى يكمن وراء هذه المخربشات حيث قامت الباحثة بدراسة نماذج اثنوغرافية عن الصيد التقليدي خاصة الصيد بالسفروك جمعتها من منطقة النيل الأبيض، والمساليت والمتمة.

كان من نتائج الدراسة التطبيقية، أن الإله أرنسنوفيس هو إله الصيد عند المرويين. وأن هناك رحلات صيد طقسية كانت تدار من موقع المصورات الصفراء، وتحت إشراف من الملك أرنخامني والملك أركامني (235-200 ق.م). وأن للإله أرنسنوفيس دور علاجي إلى جانب مهمته كإله للصيد. وأن الإله سيبومكر إله موقع المصورات الصفراء، وأن له حيوان يتمثل به وهو الفيل.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق